إحياء الدعوة السلفية واجب فكري وعملي، واجب فكري لأن المنهج السلفي هو المنهج الأصيل في التصور والفهم والاجتهاد والاتصال المباشر بالكتاب والسنة، وواجب عملي لأن المسلمين حين تركوا هذا المنهج اقتحمت حياتهم البدع والخرافات في العقيدة والعمل والسلوك.
والدعوة السلفية -من هنا- لا تعادي أحدًا من الأئمة المجتهدين المشهود لهم بالعلم والتقوى وحسن اتباع الرسول ﷺ، وإلصاق تهمة معاداة الأئمة بدعاة السلفية ظلم كبير ومخالفة للواقع.
أولًا: إن الدعوة السلفية تنتقد التقليد والتعصب، وهذا أمر مقرر في الكتاب والسنة؛ فقد عاب القرآن الكريم كما عابت السنة موقف التقليد والتعصب وإيثار الأشخاص على الحق.
ثانيًا: إن الأئمة المقتدين بالرسول هم أنفسهم من السلف الصالح، ولذلك فإن دعاة السلفية يحبون هؤلاء الأئمة ويدعون لهم ويحبون منهجم المنير، ولا يعقل أن تكون هذه هي مكانة الأئمة في الدعوة السلفية ثم يحصل عداء لهم.
فقد خدم أولئك الأئمة الأعلام القرآن والسنة خدمةً عظيمة وفقّهوا الناس في دين ربهم ومسّكوهم بسنة رسولهم ﷺ، ومن حقهم علينا أن نعرف لهم هذه المكانة وهذا التقدير، ولا خير في أمَّة لا تحترم السابقين بإحسان في طريق التوحيد والعبادة والجهاد.
ثالثًا: إن الدعوة السلفية تقوم على الدليل، وهذا التزام بالكتاب والسنة لا ينطوي على أي عداوة للأئمة المجتهدين رحمهم الله تعالى.
التزام بالكتاب والسنة ووقوف عندهما؛ لأن الله -عز وجل- يقول في قرآنه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١]، عُرف عنهم ذلك بعبارات مختلفة ولكن جوهرها واحد، وهو رَدُّ كل شيء إلى الله ورسوله.
إن الدعوة السلفية هي منهج الدليل والاتباع، وسلوك المحبة للمؤمنين، وطهارة القلب من كل غِلٍّ للموحدين، اتباع الرسول الأمين ودعاء بالغفران للجميع، ﴿وَٱلَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: ١٠]، نسأل الله المغفرة والتوفيق.