الشعر المستعار حرام لبسه

ردّ على الشيخ عطية صقر

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

اطعلت على جواب للشيخ/ عطية صقر حول الباروكة -الشعر المستعار- في جريدة السياسة ٥/ ٥/ ١٩٧٨م.

وحيث إن القول الذي ذهب إليه الشيخ في فتواه يظهر أنه غير مُستنِد إلى دليل شرعي، بل هو مخالف للأدلة التي ساقها الشيخ؛ رأيت البيان، والله أسأل التوفيق.

وخلاصة أقوال الشيخ هي:

١. أنه يرى أن لبس الشعر المستعار حرام مطلقًا عند مالك وعند الشافعية، إن كان من شعر آدمي أو شعر حيوان نجس، أما الطاهر كشعر الغنم فهو جائز بإذن الزوج، على أن يكون هناك شرطان هما: عدم التدليس وعدم الفتنة، ويكون للزوج فقط ولا تمويه به.

هذه هي الأقوال التي ذكرها الشيخ، ولست أدري: هل هو يأخذ برأي مالك أم الشافعية؟!

ولنا حول ذلك أمور:

أولًا: الشيخ عرض الأقوال مجردة عن الدليل بأن هؤلاء قالوا كذا وهؤلاء قالوا كذا، مع أنه ذكر الأحاديث الصريحة بلعن الواصلة والمستوصلة، وهذه الطريقة في عرض الدين نراها غير سليمة، تعوِّد الإنسان على الاستهانة بالأدلة وهجرها.

ونحن مع تقديرنا للعلماء الأجلاء، إلا أن أي قول من الأقوال إذا كان غير مسنود بالدليل لا يقبل؛ لأن الرجال مهما بلغوا فليسوا بمشرّعين، والعصمة لله وحده ولرسوله.

ثانيًا: أما ما ذهب إليه الشيخ أن العلة في التحريم التدليس، فإذا وافق الزوج ذهبت العلة؛ نقول: هذه العلة من أين فهمها الشيخ، وحديث الفتاة العروس لا يفهم منه أنه لو وافق الزوج لجاز لها أن تصل شعرها؟

ولو كان الأمر متوقفًا على موافقة الزوج، فهل تغيب هذه القضية عن الرسول ﷺ؟ هل الرسول ﷺ -وهو الرفيق بأمته- يترك هذه الجارية ويكتفي بأن يخبرها أن الله لعن الواصلة، وهو يعلم أن موافقة الزوج تحل الأزمة؟

فنحن هنا بين أمرين:

١. إما أن نقول: إن الرسول ﷺ علم هذه الرخصة ولم يقلها لهذه الفتاة، وبذلك يكون كتم علمًا وأمرًا من الدين، وهذا لا يقوله مسلم عاقل!

٢. أو أن نقول: إن الرسول ﷺ لم يعلم بهذه الرخصة، وهذه أكبر من تلك، فأي الأمرين يختار الشيخ؟!

ثالثًا: ونقول للشيخ: ما تقول في المرأة التي تلبس هذا الشعر داخل المنزل وهي غير متزوجة؟ هل هو حرام أم لا، مع العلم أن التدليس هنا غير وارد لأنها غير معرضة للخطبة، وكلك الأمر بالنسبة للفتيات؟

فالعلة إذًا التي من أجلها حُرِّم الوصل كما يقرر الشيخ تزول هنا، فهل يجيز الشيخ لبس الباروكة للفتاة وغيرها؟! 

أمَّا نحن فنقول: إن هذا النص عام ويبقى على عمومه في تحريم الموصَل بأي شعر كان، ولو أن الزوج أو غيره وافق، بل لو أن الناس كلهم وافقوا، وكل من أذن لها فقد أذن بحرام، بل كبيرة.

رابعًا: ونناقش الشيخ: هل يجوز صنع الباروكات؟ وهل يجوز شراؤها؛ لأنه لا بد من موافقة الزوج قبل الصناعة أم أن الأمر متروك؟! وكذلك الأمر بالبيع والشراء.

وبعد، لعل القارئ الكريم يسأل: أين الأدلة التي تحرِّم ذلك، فنقول:

١. عن عائشة رضي الله عنها: أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت فتَمَعَّط شعرها فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي ﷺ فقال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».

٢. عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «لعن النبي ﷺ الواصلة والمستوصلة».

٣. قدم معاوية المدينة آخر قَدْمَة قَدِمَها، فخطبنا فأخرج كُبَّة من شعر قال: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا غير اليهود، إن النبي ﷺ سماه الزور، يعني: الواصلة في الشعر. كلها من البخاري.

هذه هي القضية التي أفتى الشيخ فيها، وأرجو أن يكون ظهر للشيخ أن الحق فيما جاءت به النصوص، ولم نعلم عن الصحابة -رضوان الله عليهم- هذا التفصيل الذي نقله الشيخ، بل الصحابة -رضوان الله عليهم- يرون لعن الواصلة والمستوصلة.

وإنا لنسأل الله أن يسدد أقوالنا ويوفقنا، إنه رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *