حاوره من الشارقة أحمد المطيري
بعد أن استعرضنا رأى الشيخ عبد الله السبت في الحلقة الماضية حول واقع الدعوة السلفية ومسيرتها وما يتعرض له دعاتهم من عقبات فإننا نستأنف الحديث مرة أخرى لنعرض للقارئ بقية هذا الموضوع .
الفرقان :كان لكم دور بارز في دعم الجهاد الأفغاني ، واليوم بعد وصول المجاهدين إلى دفة الحكم ما هو موقع الدعوة السلفية من الأحداث؟
السبت: من الأمور التي يجب أن نعرفها أن السلفيين في الكويت من أوائل الناس الذين قاموا بدعم الإخوة في أفغانستان وأول الجماعات التي بدأت تشتغل بقوة هناك هي الجماعة السلفية الكويتية وكان هناك في الثمانينات لنا زيارة أنا والأخ طارق العيسى والأخ جاسم العون – وبعد رجوعي من هناك ألقيت درسا في مسجد الجامعة الخالدية وقلت فيه بأنى لا أظن أن هؤلاء الناس سيقيمون دولة الإسلام ، ثم قام المتاجرون بالقضية وتكلموا علينا بهذا بما الله كفيلهم به ودارت الأيام ثم بعد ذلك جرى هذا الذى نراه ونسمعه في أفغانستان .
القضية أن التجربة الأفغانية تجربة يجب أن يستفاد منها ومفادها أنه على غير طريقة السلف لا يمكن أن تقام دولة الإسلام ، وذلك أنه لا بد أن يتربى الناس أولا على الإسلام ،ثم بعد ذلك يجب أن يسعوا إلى أن يقيموا شريعة الله عز وجل في الأرض أما الشعب الأفغاني فما تربى على الإسلام التربية الكافية فهو شعب قد غزى في داره فخرج الناس برهم وفاجرهم ، لصد العدوان فما تربوا على الإسلام ولا تربوا على الدين وإنما كان فيهم الطيب وكان فيهم الرديء وجمعتهم الأحداث ، والمصائب كما يقولون تجمع ثم اختلفوا،
وليس بينهم خلاف يذكر في أمور العقيدة أو الدين ما عدا السلفيين لأن بقية الأحزاب مذهبها حنفي وعقيدتها ماتر يدية وهدفها تحرير بلاد الأفغان إذا هي متفقة في العقيدة والفقه والهدف ولكنها مختلفة في المصالح والانتماءات والولاءات فالتجربة الأفغانية درس نستفيد منه بألا نخدع الناس لأن كثيرين من الناس صوروا الشعب الأفغاني بأنه شعب مقدس وأنه شعب قد تجري به الكرامات وأنه كذا وكذا إلى غير ذلك مما سمعنا من قصص ما حصلت حتى للصحابة رضوان الله عليهم وهذه الآن يقولها بعض الدعاة ممن يهولون الأمر في شعب البوسنة والهرسك ، فأقول يجب أن نكون واقعيين ولا يكون هدفنا فقط جمع التبرعات ،وأن يضاف إلى هذا غش وخداع وكذب على الناس ، فإن التجربة الأفغانية قد جعلت عند الناس ردة فعل مما يسمى بالجهاد ، والسبب أنهم انكشف لهم الأمر السيء الذى ما كانوا يودون رؤيته لذلك أقول بأن الفائدة الأولى التي يستفاد منها في التجربة الأفغانية أن نكون صريحين مع الناس والأمر الثاني أن هذا دليل على أنه إذا لم يكن الناس على عقيدة صحيحة وتربية صحيحة فإن مطامعهم الشخصية وأمور الدنيا تجرفهم لغير الحق ، والأمر الثالث أنهم ما أعدوا أنفسهم على قيادة حكيمة في أول الأمر بل اختلفوا في أول الأمر فاختلفوا في آخره .وأما ما هو سبب خلاف المجاهدين فأنا أقول أن سببه دنيوي وولاءات وحزبيات وليس له سبب ديني .وهذا هو الذى قلناه في دروس كثيرة وأما السلفيون وموقعهم من الأحداث فلا شك أن الدعوة السلفية قوية حتى تكالبت عليها الأحزاب بزعامة حكمتيار وما حوله من بقية الأحزاب وقتلوا من قتلوا من أهلها وأذوا من أذوا من أفرادها فكان هذا الذى جرى وأهملت وسائل الإعلام الإسلامية وتناست هذه القضية وما ذكرتها ولكن الآن الحمد لله رب العالمين الدعوة إلى التعليم وإلى التدريس وإلى التثقيف قائمة هناك والإخوة هناك بحاجة إلى دعم وتأييد من إخوانهم حتى يقوموا بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ومن عجائب الأمور أن كل المنظمات التي قامت هناك وجعجعت فإنها قد تركت الساحة إلا السلفيون فإنهم إلى اليوم يساندون إخوانهم هناك ويسعون للتعليم – فالناس قد تركوا إلا جمعية السلفيين الكويتية فإنها لا تزال قائمة نشيطة هناك بفضل الله عز وجل وحده .
الفرقان: قمتم بعدة زيارات لدول اّسيا الوسطى فما هو تقييمكم للأوضاع هناك ؟ وما هو دور المسلمين تجاه إخوانهم في تلك الدول ؟ وما هو الدور التركي والإيراني هناك؟
السبت :- دول اّسيا الوسطى حكمت شعوبها بالكفر سبعين عاما وكثير منهم مسلمون ويشهدون أن لا إله إلا الله ولكنهم لا يعرفون غيرها كما جاء في حديث حذيفة هم لا يعلمون من الإسلام إلا الشهادة كما أن الأوضاع هناك الآن مضطربة ، ولا يزال الشيوعيون أو العلمانيون سمهم ما شئت هم الحاكمون هناك ولذلك يحتاج الأمر إلى سعة أفق بالتعامل مع تلك البلدان ولا نظن أنها أصبحت دول خلافة إسلامية يستطيع الإنسان أن يفعل فيها ما يشاء يجب أن نستفيد من تجارب أخرى بأن نتجه إلى التعليم هناك فأهله ليسوا فقراء بحاجة إلى إغاثة أو طعام أو شراب وإنما الحاجة الماسة هناك إلى مدارس وتعليم وإلى كتب فإذا ما قام الموحدون بالدخول إلى تلك البلاد بالعلم والتعليم وإلا فإنها ستغزى من مذاهب أخرى وعند ذلك سنبكي عليهم عندما لا ينفع البكاء فالدور التركي يسعى لنشر التصوف وإعادة المذهب الحنفي ودعوة الناس لهذا ولهم دروس ولهم دعاة وهم نشيطون بذلك وأما الرافضة فهم أيضا نشيطون في نشر مذهبهم ولهم جولات وصولات في تلك البلاد ولكن من فضل الله عز وجل أن عامة الناس هناك يكرهون الرافضة.
الفرقان :- هل ما تبثه وسائل الإعلام من سقوط الشيوعية كذب؟
السبت: الشيوعية سقطت كنظام وبقيت كأفراد علمانيين متحكمين مسيطرين أما كدين وفكرة فقد سقطت رسميا ولكنها بقيت كأفراد لا دين لهم ولا يحبون الدين. الفرقان :- هل لديكم مؤلفات حديثة وما هي؟
السبت:- أنا في التأليف ضعيف وأسأل الله عز وجل أن يوفقني إلى الخير ولكن لي رسالة صغيرة الآن في المطبعة (( المرأة المسلمة بين الأصالة والتقليد)) ورسالة أخرى أسميتها ((العمل الجماعي بين الإفراط والتفريط)) وهى رد على رسالة الأخ الشيخ /عبد الرحمن عبد الخالق (( أصول العمل الجماعي )) وأيضا رسالة نشتغل بها هذه الأيام وهى (( الأمة المسلمة بين الأمل والواقع))
الفرقان :- ما هي نصيحتكم لمجلة الفرقان والقائمين عليها؟
السبت :- أنا اقول أن مجلة الفرقان يجب أن تكون مجلة سلفية كاملة أما الآن فنرى فيها قصورا من وجهين:
الوجه الأول: أنها لا تعالج قضايا العقيدة الصحيحة وحتى أن الذين يكتبون في السلفية ناشئون وليسوا من أربابها فيجب أن يسند أمر العقائد وقضايا الشرك وقضايا الإصلاح وقضايا التوعية وقضايا الدين إلى أهل العلم لينوروا الناس ، فمجلة الفرقان في هذا الجانب مقصرة .
أما الجانب الثاني: أنها لا تزال تكثر من الصور ونحن نرى أن التوسع في الصور لغير مصلحة راجحة لا ينبغي فلعل الله يشرح صدور الإخوة إلى أن يتبنوا قضية العلم السلفي والدعوة السلفية وأن تكون المجلة مميزة بهذا ، وأن يتجنبوا الشبهات في ترك الصور لغير منفعة وغير ضرورة أو مصلحة راجحة وجزاكم الله خيرا.