لقد عُني الإسلام بتكوين شخصية المسلم وصياغتها صياغة تجعلها مميزة عن غيرها من الشخصيات، ولذلك فقد شرع لنا عبادات ومعاملات تجعلنا أمة مميزة، وقد اعتنى المسلمون سابقًا بهذا فكان الخليفة عمر بن الخطاب يُلزم اليهود والنصارى بزي خاص ويمنعهم من لباس زي مشابه لزي المسلمين وذلك ليبقى التمييز. وذلك أن الأمم الأخرى كانت تود تقليد المسلمين في العادات والزي؛ حيث الأمم المغلوبة مجبولة دائمًا على تقليد الأمم الغالبة.
وتغيرت الأحوال فأصبح المسلمون اليوم يسعون جاهدين لتقليد سفهاء الغرب والشرق، ونقول هذا بمناسبة إقبال الكثير من المسلمين على الاحتفال بميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام، ونحن مع تقديرنا لعيسى أكثر من النصارى إلا أننا نقول: إن هذا العمل بدعة وضلالة، وكم نود لو أن الدولة منعت الاحتفال وألغت العطلة في هذه المناسبة؛ إذ إن التشبه باليهود والنصارى من المعاصي الكبيرة والضلال البيِّن، وقد شنع الله تعالى على فاعلي ذلك وأمر بالتزام أهل الحق، من ذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ ٱلْأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨].
وقوله سبحانه: ﴿وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَاءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة: ١٢٠].
وأما السفه؛ فقد صح في حديث رواه مسلم عن اليهود في قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُوا ٱلنِّسَاءَ فِي ٱلْمَحِيضِ﴾ فبلغ اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه.
ويعلق ابن تيمية على هذا فيقول: «هذا يدل على كثرة ما شرع من المخالفة».
وجاء في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
وجاء النهي عن التشبه بالنصارى خاصة: «لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؛ إنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله» رواه البخاري.
وهذا الحديث صريح على الصوفية والرافضة، الذين يقول شاعرهم:
فإن من جودك الدنيا وضَرّتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
فماذا بقي لله؟!
فالتشبه بالأمم الكافرة لا يجوز لمسلم أبدًا فعله، والذي أوقع الناس فيه جهلهم بالدين ومخالطتهم للنصارى، حتى أصبح النصراني عزيزًا في بلاد الإسلام، ونخشى أن نرى اليهودي مثله يرتع في أرضنا، وليس هذا على قوم رضوا الذل وابتعدوا عن الهدى بعزيز، والله الموفق ولا رب سواه.
٭ ٭ ٭