يمتاز المجتمع الكويتي عن غيره بكثرة وجود أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فيه، وهو على قلة عدد أفراده إلا أن الوفرة من المال والحرية في الاستثمار والتحرك أتاحت للمواطن أن يُعرف بين الآخرين بالمال، وهذا المال كسبه هؤلاء من هذا البلد، ولأنهم مواطنون فيه، فماذا قدم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة لهذا البلد، ولهذه الأمة التي ينتمون إليها؟! الذي نستطيع أن نقوله: لا شيء، أي إن بعض الأغنياء لم يقدموا للبلاد أي شيء مقابل ما أخذوه منها؟!
هل سمعتم مرة أن تاجراً بنى مستشفى لعلاج المحتاجين؟! هل سمعتم أن أحداً تبرع لتدريس أبناء الفقراء مجاناً؟ هل وهل ..؟!
بل كل الذي نسمع ونقرأ أن فلاناً فعل، وآخر اشترى، والصعيد الخارجي مثله، عدا ما يدفعه أهل الخير المعروفون.
فيا قوم! إن المال مال الله، وإن الإنسان خليفة وقيم، والمانع هو الله، والمعطي هو الله، فلا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، والأرزاق مقدرة بتقدير الله، والإنسان لا يكسب بمهارته، بل بتقدير الله له، وهذه الحقيقة تغيب عن الكثير من الناس، ويقعون فيما وقع فيه قارون، حيث قال: ﴿إنما أوتيته على علم عندي﴾، فهذ المقولة نسمعها ونرى الكثير من الناس يعتقدها، بمعنى أنه يعتقد أنه بمهارته وجهده كسب، ولا ينسب الفضلَ إلى الله سبحانه.
ولا يعني هذا أن الإنسان يجلس، بل هو مطالب بالسعي، ولكن ليعتقد أن الرزاق هو الله، والإنسان لا يعلم هل الخير في كونه غنياً أم فقيراً، ولكن جُبِل على حبِّ الدنيا والمال لتقوم الحياة.
وعلى ذلك؛ فإنا نقول لإخواننا أصحاب المال: إنكم ـ لا محالة ـ مغادرون الدنيا، وهذا المال بأمه خلفكم، ولا تعلمون ماذا يُفعل به، وقد يَجْلِب الورثة عليكم اللعنات من تصرفاتهم.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإني أعرض هنا مجمل أفكار لأصحاب الأموال، لعلهم ينفذون شيئاً منها، وعند ذلك يكسبون الجنة، ويبقى لهم الذكر الحسن في الدنيا، وهناك من الأمور الكثيرة التي لا تغيب عن ذهن من يرغب في الخير.
وأعتقد أني غير مبالغ إن قلت: إن هناك أعمالاً خيرية كثيرة، لو تعاون عليها بعض التجار لتمكنوا من مثلها وأكثر، ويا قوم الأمر يحتاج لبداية، فهل يوجد التاجر الذي يبيع بعض الدنيا بالآخر فتربح تجارته؟
هذا أملٌ نرجوه، والأمة فيها أهل الخير، واللهَ أسألُ أن أسمع عن مجمعات أهل الخير، فاللهم يسر وأنت الرب الرحيم.