شيخ الجامع الأزهر
للأزهر مكانته العلمية البارزة في أوساط المسلمين، ويأخذ عامة الناس ما يصدر عنه بالقبول والإذعان غالبًا، ولمن يتولون «مشيخة» الأزهر احترامٌ وتقديسٌ بين العامة، ولذلك وجب المحافظة على هذا المنصب الخطير.
ومن باب المحافظة على شرف هذا المنصب ونقاء الإسلام؛ فإننا نناقش الرأي فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الحليم محمود -شيخ الأزهر- فيما صدر عنه من كتب كثيرة، نرى أن بعضها يضرُّ بالمعتقد الإسلامي الصحيح وينشر الخرافة، آملين أن يتسع صدره لهذا النقاش الهادئ، وأن يتجاوب معنا في الرد والتفهيم على هذه القضايا التي نشرحها معه؛ تنويرًا لأذهان المسلمين، وإذهابًا للبس والغموض، ووصولًا إلى الحق الذي أمرنا الله -سبحانه- بالتزامه.
أولًا: محاورة الموتى واستئذانهم:
ألَّف فضيلة الشيخ كتبًا عن السيد البدوي، قال فيه: «ولم أبتدئ في كتابة شيء من الكتاب حتى ذهبت متعمدًا إلى «طنطا» أستأذن السيد في الكتابة عنه (!!)، وفي المقصورة المباركة بدأت الكتابة، وخططت الأسطر الأولى من الكتاب هناك» ا. هـ منه بلفظه.
ونحن نسأل الشيخ: كيف حصل على هذا الإذن من السيد البدوي؟ وما هو الدليل العقلي أو الشرعي الذي نلتزم به لنستأذن الموتى قبل الكتابة عنهم؟ ومتى كانت المقصورة التي يشاهد كل زائر فيها الاستعانة بغير الله -سبحانه- والطواف حول القبر وطلب الشفاء والأولاد والخير من السيد البدوي.. نقول: متى كانت هذه المقصورة مباركة، ويصنع فيها كل هذه الألوان من ألوان الشرك الجلي الذي لا مخالف له ممن يعتد بأقوالهم من المسلمين؟! وهل يعني هذا أن الشيخ يبارك كل هذه الأعمال ويراها جائزة أو مستحبة؟
وإذا كان يجوز لنا سؤال الموتى والاستفسار منهم؛ ألا يرى فضيلة الشيخ أن مقام الرسول أولى؟ وأن هناك مشكلات تحتاج إلى أحكام شرعية؛ ما موقفنا مع اليهود؟ وما القول في شركات التأمين والاستثمار وفوائد البنوك التي يختلف فيها علماء المسلمين اليوم؟ ألا يتطوع الشيخ إن كانت عنده هذه القدرة العجيبة على مخاطبة الموتى أن يعرف لنا حكم الرسول ﷺ في هذه الأمور بدلًا من الاختلاف حولها؟
وإذا كان الشيخ لم يحصل على جواب من السيد البدوي -وهذا محتمل- وإنما عرض الأمر عليه عرضًا، فما قيمة هذا العرض إذا لم يكن وصله من السيد جواب؟! وهل يصح لغير الشيخ أن يفعل نحو هذا ويخاطب أصحاب القبور ويتلقى منهم؟
هذه بعض الأسئلة حول هذا الموضوع، وكلها تحتاج إلى جواب من فضيلة الشيخ، فهل يسعف المسلمين الحيارى في أمر هذه الأسئلة؟
ثانيًا: الملائكة وأرواح الأنبياء تعلّم الصوفية:
في ترجمة «أبو العباس المرسي» نقل فضيلة الدكتور/ عبد الحليم محمود عن الغزالي قوله: «ومن أول الطريق تبتدئ المكاشفات والمشاهدات، حتى إنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتًا، ويقتبسون منهم فوائد» ا. هـ.
ونسأل فضيلة الشيخ أيضًا: متى كان الأنبياء مُشَرِّعين بعد موتهم؟ وهل ما نسبه كبار أئمة التصوف إلى الرسول بعد موته حق؟ وإذا كان حقًّا؛ فهل يصح قول الشيخ/ أحمد البنجابي الذي يزعم أنه أخذ عن الرسول «ذكرًا» يعدل القرآن، وكل ذكر قرئ في الأرض ستة آلاف مرة؟!!
وهل يصحح قول الشيخ/ صالح الجعفري -إمام الجامع الأزهر حاليًا- فيما يرويه عن شيخه/ الإدريس أنه أخذ الصلاة العظيمة عن النبي بحضرة الخضر والملائكة، وأن النبي أملاها عليه؟!!
وهل يعني هذا أن ما قاله الشيخ/ ابن عربي في كتابه «الفصوص» الذي زعم أنه قد أخذه من الرسول في دمشق وفي رمضان أيضًا؟!! والذي يزعم فيه أن الله هو عين الأشياء، وأنه لا غير الله في هذا الكون، وأن الجنة والنار رحمة الله، بل هي الله!! وأنه لا كافر على وجه الأرض؛ لأنه ليس هناك إلا هو!! وليس في الأرض غيره!! فالمؤمن والكافر والرسول والصديق والراهب والقسيس والفاجر كلها شيء واحد؛ لأنها الله!!
وما رأي فضيلة الشيخ/ عبد الحليم في قول إمام الطريقة البرهانية -الحي في السودان حاليًا- بأن النبي قد أخذ القرآن عن نفسه؛ لأنه هو الله!! وذلك في كتابه الذي وزعه في العالم العربي أخيرًا «إبراء الذمة في نصح الأمة»؟!!
أم يقول الدكتور/ عبد الحليم بأن بعض هذه الكشوف والمشاهدات والتقول على الأنبياء حق وباطل؟! وإذا كانت حقًّا وباطلًا فكيف نعرف الحق من الباطل؟! هل من فُرْقان يزوّدنا به الشيخ حتى نفرق بين «التصوف السلفي» و«التصوف البدعي»، كما يحلو للبعض أن يفرق بين صوفية وصوفية؟!!
في جَعْبتنا كثير يحتاج إلى بيان!
يا فضيلة الشيخ! لقد غمرتَ أسواق العالم الإسلامي بكثير من كتبك ومقالاتك، وفيها أمور كثيرة تحتاج إلى بيان واضح منك، على الأقل للذين لا يتعجلون، وما زلتَ توالي نشر كتب لا تخدم تراث المسلمين ولا عقيدتهم، بل تهدم عقائدهم وإيمانهم بالغيب!! فقد زعمت أن المرسي يعلم الغيب، ويقابل الخضر، وعلم منه الأرواح المعذبة والمنعمة، وأنه يقابل الرسول كل يوم -يعني المرسي في حياته.
وفتحت الأبواب للتفسير الباطني للقرآن عندما قلت في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧]، أي: أن تذبحوا أنفسكم!! ودعوت الناس إلى الاستشفاء بقبر أبي العباس المرسي؛ لأنه تِرْياق مجرب!!
وهذا الذي تقوله هنا قليل من كثير جدًّا، نشرته على الناس، ودعوت الناس إليه في السر والعلن، وطبعته في كتب بيضاء لا صفراء كما يظن الناس، وبأموال المسلمين والمتبرعين.
ونحن -كطلاب حق وعلم- نطالبك بالبيان والإيضاح لموقفك من كل هذا، ولنا لقاء آخر -إن شاء الله تعالى.