جريدة ((الرأي العام))، العدد (5372)، تاريخ 20/10/1978م.
منذ أن خرج إنسان الجزيرة من جزيرته شاهراً سيفه محطماً قوى الشرك والوثنية، منتقداً شعوب بلاد كثيرة في فارس والروم من عبودية العباد، وكانت مقالتهم: جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، رسالتهم تحرير الإنسان من نفسه وهواه وطواغيته، وجعله يرتبط بالسماء.
وعندما حس أهل الشيطان والحاقدون الذين ذهب ملكهم وذهبت عبادة البشر لهم إلى الله؛ اجتمع هؤلاء كلهم على مسخ هذا الإنسان وتحطيمه، ودارت حروب طويلة يخرج منها هذا الإنسان قوياً بل أقوى منه قبل دخولها. وعند ذلك تحول هؤلاء إلى محاولة تحطيم هذا الإنسان ومسخه ليكون من ذوات الأرجل الأربع.
وهكذا كان تحول الإنسان العربي الذي كان يمتاز بالغضب والثورة والنخوة والشهامة إلى إنسان أليف حتى مع الكلاب والخنازير، تحول هذا الإنسان القوي الحساس الفطن إلى إنسان لا همّ له سوى الأكل والرفاهية واللذة.
ولا يزال القوم يسعون جاهدين لإنهائه، هذه الحثالة، فهم يتأثرون بفرعون عندما فكر في إبادة اليهود حتى لا يخرج من أصلابهم من ينتقم، وهكذا نجح اليهود!!
وكم هو مؤلم وقاتل أن يتحول المفكرون والساسة إلى سدنة يسحمون إلى الخنازير، ويقدمون لها القرابين من الأبرياء. والسدنة كانوا مرتزقة، أما سدنة الخنازير فإنهم متطوعون، بل إنهم أكثر حرصاً على الخنزير من عبده وخادمه.
هذا هو حال عامة قومنا اليوم، ومن فكر أنه سيفكر فيهم من يقول له: إنه التفكير من سلوك الرعاع، فحذار أن تكون منهم، حذار أن تكون من الرعاع لأنهم مفكرون، أما أنت خلقت لتكون من الكبار الذين يأكلون ويشربون ويتمتعون!!