ازدواجية الولاء

مما قرَّره العقلاء أنه لا يمكن أن يجتمع في قلب امرئ نقيضان، وعلى ذلك فيستحيل أن نتصور اجتماع الكفر والإيمان في قلب أبدًا، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. وسيرًا على ذلك فإن الإسلام حارب الازدواجية في كل شيء؛ فإما أن يكون تأييدًا للحق والخير أو مساندة للباطل والشر، ولذلك فقد أمر المسلم أن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَى﴾ [البقرة: ٢٥٦]، ومن هنا كان التبرؤ من كل ما عدا الله سبحانه، فقال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ الآية [المجادلة: ٢٢].

فهنا براءة تامة من كل إنسان ودّ من حادّ الله ورسوله مهما كانت القرابة، وحتى تتضح الصورة نقول: إن كل من خالف هدي الرسول ﷺ فقد حادّ الله ورسوله، وإن كل من أحدث في الإسلام جديدًا أو ألغى بعض شرائعه فقد حادَّ الله ورسوله.

فالمؤمن إذًا لا يمكن أن يجتمع في قلبه حب الله ورسوله وموادة وإعجاب بأعداء الله ورسوله، مهما كان العمل الدافع لذلك.

وهذه الحقيقة القرآنية قررت في أكثر من موضع، وهي فطرية أيضًا، وتاريخ البشرية يشهد بذلك، فها هم اليهود في أمريكا نعموا وأغدق عليهم من الخير الأمريكاني، ولا يزالون يسبِّحون بحمد إسرائيل؛ لأن القضية عندهم قضية ولاء وحب، والازدواجية غير واردة.

فالازدواجية سلوك غير إسلامي ولا إنساني، وما النفاق إلا ازدواجية في الفكر والانتماء، فالمسلم لا تتنازعه الاتجاهات المختلفة؛ بل هو ثابت في ولائه وحبه وبغضه.

والمسلم كذلك شاكر لمن أنعموا عليه مقدِّرًا الوفاء، ونكران النعمة سمة غير المسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *