مما شرعه الله سبحانه لحفظ الدين واستمرارية صلاح المجتمع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ذلك أن الناس إذا أنكر صالحهم الفساد وأخذ بيد المفسد صلح الحال والناس.
وقد ذمّ الله اليهود على ترك الأمر بالمعروف، فقال سبحانه: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المَائدة: ٧٨-٧٩].
فاليهود عندما سكتوا عن الإنكار جاءهم اللعن؛ ذلك أن الساكت شارك برضا، ورضا المنكر مخدش في الإيمان إن لم يكن ملغيًا له.
وقد وصف الله الجماعة المؤمنة: ﴿وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ﴾ [التّوبَة: ٧١].
والمنكر الذي ينهى عنه هو كل مخالف للشرع، والمعروف هو ما عرفه الله سبحانه والحكم في ذلك كله هو لله ﴿إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعَام: ٥٧] وللآمر بالمعروف والناهي عن المنكر شروط ومراتب بيّنها العلماء في كتبهم، ومن ذلك:
١- أن يكون المنكر ظاهرًا في ملأ عام وليس في مكان لا يتوصل إليه إلا بالسر؛ لأن الداعية لم يؤمر بتفتيش منازل الناس.
٢- أن يكون قائمًا في الحال، ومعنى ذلك أننا لا نأتي لإنسان فعل معصية قبل فترة ثم تاب وترك لنوبخه عليها؛ لأن الإنكار يكون في الحال.
٣- أن يكون المنكر مما هو معروف أنه منكر، ولا يكون صاحبه فعله متأولًا أو مشتبهًا عليه الأمر.
وللإنكار مراتب هي:
١- اليد واللسان والقلب، ويجمع هذا الحديث المشهور: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، وكم يخطئ الناس حين لا يلتزمون هذه المراتب.
ومن أهم ما يجب توفره في الآمر الناهي:
١- الرِّفْق واللِّين: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طٰه: ٤٤].
٢- الحِلْم: والحلم سيد أخلاق الداعية ﴿وَٱصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المُزّمل: ١٠].
هذه بعض الأمور المتعلقة بهذا الركن العظيم آملًا أن يعيها الآمرون الناهون، والله الهادي.