القرآن الكريم -تشرحه السنة النبوية المطهرة- صدَر من الله الواحد للإنسان الواحد في النوع المتعدد أفرادًا، فهو يحمل في ذاته طابعَ الوحدة؛ لأنه صادر عن الواحد الأحد، فلننظر فيه جملةً ونُقبِل عليه بقلوب وعقول خالية من فروض ونظريات وأفكار متأثرة برواسب ثقافية سابقة كمصدر وحيد للحقائق الغيبية والتشريعية والتاريخية.
وما دمنا في نطاق الفكر الإسلامي الخالص، المتنزه عن الهوى؛ فيجب أن نعلم أن المطلوب من العقل البشري حيال الوحي الإلهي الهادي إلى الحق والمرشد إلى الخير، هو التلقي والفهم والتسليم والاستجابة، وليس معنى ذلك أننا نقلّل من شأن العقل والفكر، كلا؛ فالعقل والذكاء البشري بخاصة وجميع أجهزة الإدراك البشرية بعامة هي أعظم ملكات الإنسان وقدراته، وهي خطيرة الشأن في وجوده، فبدونها لا يستطيع الإنسان تحقيق أهداف وجوده التي خلقه الله من أجلها.
ولكن الإنسان -بعقله وإدراكه جميعًا- يعجز تمامًا عن إدراك ومعرفة حقائق الغيب والتشريعات المنظمة لحياته الفردية والاجتماعية، إذا تُرك وحده دون توجيه وتعليم وترشيد من السماء أو دون قيادة الوحي.