الاعتراض على شريعة الله وأحكامه كفر

مما عمَّت به البلوى بين المنتسبين للإسلام الزاعمين بأنهم مسلمون: الجهل بالإسلام، بمعنى أنهم جهلوا الإسلام الواجب اتباعه، وما هي الأمور التي تُخرج الرجل من هذا الدين؛ إذ الدين عبارة عن عَقْد وبيعة بين طرفين: الرب سبحانه والعبد.

ولهذا العقد شروط لا بد منها، وسبق أن بيَّنا ما في حقيقة العبودية، واليوم نناقش مبطلات العقد؛ أي: مبطلات الإيمان، ومن ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه [ورسوله]؛ إذ إن من تمام العبودية التسليم المطلق لأمر الله ورسوله ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].

فلا يكفي التسليم، بل لا بد وأن تُقْدم على فعل الأمر أو اجتنابه دون أن تجد حرجًا أو ضيقًا في نفسك، وهذا هو التسليم المحض.

والمعترضون إنما هم مخالفون للعبودية، فأول مفهوم لك كمسلم أن تسلّم لحكم الله [ورسوله] وإن خالف هواك ونفسك ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزَاب: ٣٦].

وأنواع المعترضين كثيرة:

أحدها: المعترضون على الله بآرائهم وأقيستهم المتضمنة تحليل ما حرَّم الله سبحانه، وتحريم ما أحل [الله]، وإسقاط ما أوجب [الله]، وإبطال ما صحّح، وتصحيح ما أبطله. وناتج هذا الاعتراض عبادة النفس والهوى، فمن عارض حكم الله -سبحانه وتعالى- فإنما هو عابد لهواه ونفسه وليس بعابد لله ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾.

والنوع الثاني من الاعتراض: الاعتراض بالسياسات الباطلة وتحكيم غير شرع الله، والتحاكم للطاغوت من دون الله عز وجل.

وعطَّلوا بهذا الاعتراض كتابَ الله وسُنَّة رسوله ﷺ، فقال الأولون: إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل. وقال الآخرون: إذا تعارض الأثر والقياس قدمنا القياس. وقال أصحاب السياسة: إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة. فجعلت كل طائفة مكان دين الله وشرعه طاغوتًا يتحاكمون إليه.

والمعترضون أنواع، وكل أنواع الاعتراض ناشئ من جهل بحقيقة العبودية وحقيقة عقد البيعة مع الله. 

والمعترضون من أصحاب الشهوات واللذات الذين يحلون محرمات الله على خطر عظيم، فليست حريتهم أنهم يفعلون ذنبًا، بل لأنهم معترضون على الله، وهذا يعني أنهم رافضون لعبادة الله، ومن رفض العبودية خلد في نار جهنم.

فقل معي رحمك الله: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، فإن حقًّا رَضيتَ فقد فزت وإلا.

[والمعترض هذه الأيام على الشباب العامل بدينه إنما يحرّكه الجهل والهوى، وإلا فهل يتضايق الرجل الطيب الشريف عندما يرى الفتاة النزيهة المحجبة والشاب المسلم الملتزم، ولكن كما قال الله: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ﴾ [الفتح: ٢٩]، والله خير حافظ والهادي لسياسته].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *