قرأت يوم الخميس ١٧/ ٣/ ٢٠٠٥م مقالةَ السيد/ خليل علي حيدر في جريدة «الوطن» وعنوانها «هل يبدأ السلف نقد الذات؟»، والمقالة خالية عن أي نص منسوب لأحد، ولكن رغبة من الكاتب في تحميل كل الضلال والانحراف والشر إلى فئة من الناس، وهو يعلم -كما يعلم أبناء طائفته- أن السلفيين هم الذين حاربوا التطرف والإرهاب والقتل، بل استنكروا جميع أنواع الاضطهاد الذي يقع على الإنسان؛ لأنهم يعتقدون أن تحريم هذه الأعمال معلوم بالضرورة من دين الإسلام.
ثم استنكروا كل أعمال القتل الطائفي في إيران وسوريا، وكذلك كل أعمال التفجير في الكويت والرياض والقاهرة وسوريا وأفغانستان، بل حتى ما جرى في أمريكا، فإلصاق التهمة بالسلفيين نوعٌ من الجَوْر، والكاتب يعلم أنه به ظالم.
وأحب أن ألفت النظر إلى أمور:
– الكاتب جعل كل أنواع الفتن في العراق صادرة من السلفيين، فهل جماعات مقتدى الصدر وبقايا صدام البعثيين هم سلفيون؟
-لم يُشِرِ الكاتبُ إلى الإرهاب الذي يمارس في جنوب العراق، وإقرار إيران لمرتكبيه، إلا إذا اعتبر أن ذلك من السلفيين؟
– نسي الكاتب مجموعة الندوات والمحاضرات التي ألقاها السلفيون في الكويت والسعودية وغيرهما؛ لكشف خطورة فكر الخوارج، فهل من يفعل ذلك كله يُعدُّ مؤيدًا للتفجيرات؟
– الكاتب يعلم أن هؤلاء المفسدين في الأرض يزعمون أنهم سلفيون، لكن علماء السلف قد تبرءوا من هذا الفكر الضال وبينوا زيفه، فالكاتب إما أنه جاهل بالواقع أو أنه يعلم ولكنه يخلط الأوراق لغرض خاص.
– إن هذه المقالات هي التي تثير الفتنة والطائفية؛ لأنها تنقد طائفة وتغض الطرف عن الأخرى؛ فالإنصاف يلزم ذكر ما يجري من قتل ونهب في الجنوب على أيدي ميليشيات مدعومة من الخارج!
– إن السلفيين هم أوضح من الشمس ولا يكيلون بمكيالين، بل هم مع الحق وضد الباطل، وشعارهم قول الحق سبحانه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ٱعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٨].
– لقد نشرت أنا أكثر من عشر مقالات عن الخوارج والمتشددين والمتعصبين وبيان انحرافهم، وأصدر مشايخ الدعوة السلفية في الكويت مئات المقالات والمحاضرات التي تندد بالعنف والإرهاب وتستنكرهما، وذلك لأكثر من عشر سنوات، فالكاتب إن كان متابعًا للواقع وعالمًا به، بل يفترض أنه اطلع على ذلك؛ بل أول ما قام به جهيمان وجماعته من ترويع للمسلمين في الحرم الآمن حاربه السلفيون، في حين أن طائفة ضالة من شرق المملكة خرجت في مظاهرات مؤيدة لهم، فمن يؤيد العنف ويدعو إليه؟!
وأخيرًا إني أدعو الكاتب وكُتَّاب طائفته إلى مراجعة إنسانية عادلة ومنصفة، وتحرير كتبهم وتاريخهم من التحريض والدعوة إلى العصبية والعنف، أما السلفيون فليسوا بحاجة لمراجعة أصولهم؛ لأنها تقوم على الكتاب والسُّنَّة وفهم الأئمة المتبوعين رضوان الله عليهم.
أما من ادعى السلفية بغير بينة فهذا دعواه مردودة عليه، فالسلفية كالمدنية تنقي خبثها، وأما السلفيون فهم أهل العدل والحق والرحمة، وبمنهجهم الوسط يصلح الله البلاد والعباد، ﴿وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: ٢٢٠].