جُبِل الإنسان على تعوّد ما يمارس على حرفة الاستمرار؛ فالنفس مهيئة للائتلاف والتعدد، وتستحكم العادة في المرء حتى لا يستطيع مفارقتها وتصبح سَجِيّة من سجاياه.
والسائر على درب الخير والهدى يُخشى عليه أن تغلب عليه العادة فيركن إلى التعود على العبادة، فيقوم بها أعمالًا وحركات فقدت الجوهر واللُّبّ.
والعبادة عمل بالجوارح وانفعال بالقلب، فالذي يؤدي العمل دون انفعال معه إنما يؤدي عملًا ناقصًا؛ لذلك فالأجر الذي يناله يتوقف على مقدار ما يدرك من الأعمال.
وهذا الخطر ينسحب على جميع ما يمارس الإنسان من الصدقات والقربات.
والداعي إلى سبيل ربه -تبارك وتعالى- يحتاج إلى تجديد نية كل عمل يقوم به، فكل سالك لطريق الجنة لا بد له من تجديد النية، ولذلك كانت مقالة الصحابي لصحابي آخر: «تعالَ بنا نجلس لنؤمن ساعة»، مقصده تجديد النية والعزم.
وما نشاهد من تبلد حس الجمهور مع كثرة ما يوعظون به راجعٌ إلى أن الواعظ بحاجة إلى وعظ وتجديد نية، والله الهادي ولا رب سواه.