مجلة ((الفرقان))، العدد (132)، تاريخ 12/2/2001م.
كان بين الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وبين أي انحراف في الدين عداوة بارزة، ولذلك ترى عندهم حساسية عجيبة مما يسمى ((البدعة))؛ حتى وإن كان ظاهر العمل ليس فيه شيء.
والتابعون لمنهجهم ساروا على ذلك، فعندما اجتمع أصحاب الحارث المحاسبي على سطح منزل يسبحون ويقولون كلاماً جميلاً فيه مواعظ، ولكن على طريقة مخالفة للهدي الصحيح؛ وعندما ارتقى الإمام أحمد السطح ورأى الجماعة لم ينكر من قولهم شيئاً، لكنه أنكر الطريقة.. كرهتها النفس، وقال: ((ما كان على هذا مَنْ سبقنا)). قالوا: لكن هذه الطريقة جميلة نتعظ بها، قال: ((من لم يتعظ بالقرآن))، وهذه جملة عجيبة تبين فقه الأولين عن التالين، فلذلك كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان عندهم حساسية من أي انحراف في الدين، ولو كان قيد أنملة، لذلك تجد بينهم وبين كل الطوائف عداوة، فلا تجد من المعتزلة أو الجهمية أو غيرهم حباً أو تقديراً للصحابة والتابعين، ولابد أن ترى من هؤلاء للصحابة عائباً، وإلا لماذا لا يسيرون على منهجهم.
أليسوا هم الذين حرسوا لنا ديننا من أن يدخل فيه المبتدعة ما شاؤوا، ولهذا كان بينهم وبين أهل البدعة مفاصلة، على العكس في زماننا هذا يراد لنا ـ كما يقال في عصرنا هذا ـ أن يكمّل بعضنا بعضاً!!
رجل مريض وآخر سليم! لا يستويان، فلا يكمّل بعضنا بعضاً، وإنما يكملنا جميعاً الحق، ويدعى الجميع إلى قبول الحق، وليس الحق إلا اتباع السلف، ولذلك يضيف الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله فيقول: ((كل الطوائف تدّعي الكتاب والسنة، ولكن ليس هناك طائفة واحدة تقول: على منهج السلف)).
قلت: لماذا؟
لأن طريقة السلف هي الفاضحة، وهي الكاشفة التي تبين الحق من الباطل، وتبين الخطأ من الصواب، فهذه سمةٌ لهم.
ومن الأمور التي يُعرف بها السلف ـ رضوان الله عليهم ـ: الألفاظ، فألفاظهم شرعية مؤدبة، يحافظون على التوحيد، وينكرون على المخطئ، ولو كانت نيته طيبة.