مجلة الفرقان العدد( 635 ) بتاريخ 4/4/1997
إن موضوع تحكيم الشريعة وتطبيق حكم الله في الأرض لهو مطلب وأمل أهل الإيمان قاطبة وخاصة أصحاب الدعوة السلفية
عبد الله السبت
4 – أخذهم بالمتشابه من النصوص موهمين الناشئة ، أن هذا هو المراد وهم بذلك لا يرجعون لفقه الأئمة وإنما نسبوا للأئمة قولا وبتروا اّخر ليتحقق لم المراد ، ومن يستقرئ التاريخ وأقوال أهل الكلام ،يراهم دائما أبدا على هذه الوتيرة : الاعتماد على التشابه والتلبيس به على العامة وهذه صفة من في قلبه زيغ كما وصمهم بذلك الكتاب.
وهذا الموجز عن الخوارج رأيت التذكير به حتى لا ينظر لأحداث ومشاكل العصر بمعزل عن التاريخ القديم وإن موضوع استخدام ((الحاكمية )) اليوم لدى الحركات الثورية الإسلامية وحركات الخروج هو نفسه الذى كان لدى الخوارج والثائرين على خلفاء الاسلام ، بل قامت فرقة باطنية تعمل القتل في الأمة إلا الخوارج الأولين ومن تبعهم وعليه وزر ذلك لماذا يركزون على الحاكمية ؟
نحن نقرر أولا وقطعا لباب المزايدة ، أن موضوع تحكيم الشريعة وتطبيق حكم الله في الأرض ، لهو مطلب وأمل أهل الإيمان قاطبة وخاصة أصحاب الجدوة السلفية إذ ينادون بالحاكمية المطلقة في العقيدة والفقه والحدود لا الحاكمية الضيقة التي تنادى بها الأحزاب المعاصرة ، ولا نعلم مسلما استقر الإيمان في قلبه يحب الكفر ويقدمه على الإيمان ويرغب في الضلال بعد الإيمان فهذه بديهية لا داعى للمزايدة حولها ، ولست هنا بحاجة إلى تفصيل أكثر ، بل إني أعتقد أن السلفيين أكثر فهما وتطبيقا ودعوة للحاكمية بأبعادها (( كما سنوضح ذلك في مقال مستقل ))
إذا لماذا الثوار ودعاة الثورة والخارجون يستخدمون ((الحاكمية )) أقول كما نبه إلى ذلك علامة الشام الشيخ نصر الدين الألباني ، أنهم يستخدمون ذلك لقضية سياسية حيث إنهم جعلوا الحاكمية فقط في الحكام ومن ثم سعوا لتكفيرهم لأنهم لا يملكون الشرع وبالتالي يجب الخروج عليهم وحمل السلاح هذا نفسه منطق الخوارج القديم الذى به حملوا السلاح على الخليفة رضى الله عنه فالحاكمية إذن تستخدم في هذا العصر كوسيلة للخروج والثورة ، وهو نفسه الهدف القديم ، فهم إذن يركزون على الحاكمية للوصول إلى التكفير ويجعلون ذلك مبررا ووسيلة إقناع لأتباعهم حتى يطيعوهم فيما يريدون وهى وسيلة إقناع سهلة خاصة إذا أدركنا أن أتباعهم من الناشئة ممن لا يريدون للعلماء قيمة ولا لأقوالهم منزلة (( بل هم رجال ونحن رجال ))كما قال الأولون ومن ينظر في كتبهم وأشرطتهم يدرك بجلاء هذه المسألة ولعل ما كتبه سيد قطب ومحمد سرور وغيرهم واضح لكل ذي بصيرة.
وحتى تتضح لك الصورة أكثر لنتابع معا مقال قادم ،ببيان ما المقصود بالحاكمية لديهم ،والمقصود بالحاكمية لديهم والمقصود بها لدى السلفين حتى نعرف الفرق وسنعرج على ما ذكره الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه (( الصراط )) وتقسيمه التوحيد إلى أربعة منها الحاكمية .
لقد نشر الشيخ عبد الحمن عبد الخالق في أخر شهر رمضان 1417 هــ
كتابا أسماه ( الصراط )وسمه بأنه المنهج المقترح لأهل السنة ، والكتاب يحمل في طياته انحرافا منهجيا عن منهاج أهل السنة
سلف الأمة في قضايا الحكم – الجهاد – الموقف – الفرق – الخ فرأيت التعليق عليه خاصة في مسألة الحاكمية لخطورتها وما يترتب عليها ….
لقد ردد الخوارج الأولون كلمة حق أريد بها باطل (( إن الحكم إلا لله )) أرادوا من ذلك استحلال الخروج على الخليفة المسلم
وحمل السلاح على الصحابة الكرام ، وهكذا دار الزمان دورته فإذا ( خوارج العصر ) ينادون بنفس الكلمة ( الحاكمية ) ليتوصلوا بها إلى تكفير حكامهم ومن ثم استحلال الخروج وسفك الدماء .
وسمات الخوارج في كل العصور ، متشابهة وقد تختفى سمة وتظهر أخرى وإنا لنقرر ما قررناه مرارا أن المذاهب الفكرية القديمة ، لا تزال مستقرة إلى يومنا هذا بل وتتشعب ولكنها تسمت بأسماء أخرى فظن من لا يميز أن هذه أسماء جديدة أما أهل الحق من أتباع السلف والذين خبروا هذه المذاهب ، فهم يعرفونها حق المعرفة حتى وإن ادعى منهم البعض السلفية لبرهة من الزمان ولكن يعرف بزلات القلم وسقطات اللسان وتتبع أصحابه وأقرانه ، ويمكن إجمال أهم سمات الخوارج في كل العصور الآتي :
1 – أن أغلبهم من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام قليلي الفقه والتدين لم يتربوا على أيدى أهل العلم والفقه والقدرة .
2 – أغلبهم ممن فيهم عاطفة دينية وغيرة لا علم ولا ثقافة ولا بصيرة ولا تجربة ولا اعتبار عندهم لأهل العلم والفقه والبصيرة والتجربة.
3 – ولهذا السبب استغوتهم فئة رؤساء الضلال من مثيري الفتنة ودعاة الفرقة لأنهم مهيؤون لذلك.