الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن عالمنا العربي -بل والإسلامي- يمر في محنة هي الأخطر من نوعها؛ حيث تنتشر بين شبابه الأفكار الفاسدة والآراء المنحرفة عن الجادة الصحيحة، وكنا حمدنا الله أن توجه الشباب في العالم الإسلامي نحو الإسلام، ويَمَّموا وجوههم نحوه تعلمًا والتزمًا.
وقبل أن تأتي هذه الصحوة أُكُلها تنازعتها الأهواء والفرق، فمزقوا الأمة، وحزبوا شبابها ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٣]، فقام في الأمة سوق البدع، ورُوِّجت لأفكار الخوارج، وأغرق المجتمع في الفتن، وأصبحت الجرائد وإذاعات «لندن» مصدر العلم لدى المثقفين، وتنازعت الأهواء الشباب، وأُغْرِقوا في هذا السيل من الشبهات، حتى أغرقوهم في بحرها النتن الملوث من البدع والأهواء.
وصادف ذلك قلة علمٍ، وابتعاد عن العلماء والتلقي منهم، وجهل بمذهب السلف وهديهم، فتمكنت هذه الأهواء من القلوب فأشربتها وصعب بعد ذلك تقيؤها، ومن هنا كان نهي السلف عن الجلوس مع أهل الأهواء والبدع وعدم السماع لهم، فتدبر هذا -رحمك الله- فإنه لك نافع.
لذا وجب على من لديه علم أن يظهره؛ نصحًا للأمة، ونصرةً للحق؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]، وقام علماء هذه الأمة في هذا الواجب حقَّ القيام إرشادًا للأمة، فكان كتاب سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز «المعلوم في العلاقة بين الحاكم والمحكوم»، وكتاب سماحة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين «حقوق الراعي والرعية»، ومجموعة محاضرات لعلامة الشام المحدث/ محمد ناصر الدين الألباني حول الخوارج الجُدد.
وقام السلفيون -اتباعًا لأئمتهم من العلماء- في البيان عبر الأشرطة والكتابة، وقد نفع الله بهم الأمة، وهدى الشباب، وعاد الكثير منهم للجادة.
والسلفيون يرون أن الاستقرار الذي تنعم به دول الجزيرة خاصة مردُّه إلى انتشار التوحيد والوعي الإسلامي لدى الشباب؛ لذلك يجب على الجميع -حكامًا ومحكومين- التكاتف لتبقى بلادنا والعالم الإسلامي كله آمنًا مطمئنًّا مستقرًّا، والاستقرار والأمن وإيجاد المواطن الصالح كل ذلك مطلب من مطالب الدين يجب أن يسعى إليه الجميع.
وإن هذه المظاهر من العنف والتي تشاهد في عالمنا وتنسب للإسلام، ولا يختلف من لديه بصيرة وعلم أنها مخالفة للإسلام ومشوهة له، ونحن نرى أنه يجب أن تتكاتف الجهود لأجل حماية الدين وتمكينه، وبذلك يحصل الاستقرار في البلاد.
ونحن لنقرر القاعدة الأساسية والمنهاج الحق الذي يسير عليه السلفيون في كيفية التعامل مع ولاة الأمر، فالسلفيون وسط بين الجماعات والفرق، لا يقرون منكرًا ولا يوالون على غير الحق، لكن لا يرون الثورات والإنكار عبر المنابر مما يسبب فوضى في البلاد وفسادًا للعباد، ولعلنا في هذا نساهم في ترشيد الصحوة الشبابية، وإرجاع الناشئة للجادة الحق والطريق المستقيم، وإلى لقاء آخر، والحمد لله رب العالمين.