لا تعبد إلا الله

فقلت: لتكون عبدًا، ويريد الشيطان أن تكون عبدًا له، فأي الرجلين أنت: عبد الله أم عبد الشيطان؟

عندما يقرر الإنسان أن يتجه لخالقه بالعبادة؛ فإنه أحيانًا يضل الطريق ويتيه في دنيا العبادات الأخرى، والإنسانية تاهت قديمًا وحديثًا؛ فهناك عباد الله وعباد غيره.

أما عباد الله؛ فإن الرسل جاءت لترشدهم، فكما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُوا ٱلطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلَالَةُ﴾ [النّحل: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢].

ووصف الملائكة والأنبياء بذلك، فقال: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ ٱللَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: ١٩، ٢٠].

وقال تعالى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ [الإنسان: ٦]، فهؤلاء هم عباد الله. ويقول: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ ٱلدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر: ١١، ١٢].

ويقول تعالى عن الذين ضلوا الطريق: ﴿يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا ٱسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٣، ١٤].

وقال تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ١٠٦]. وقال تعالى: ﴿أَمِ ٱتَّخَذُوا مِنْ دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٣، ٤٤].

والنصوص في هذا متضافرة، وكلها تدور حول إفراد الله بالعبادة، والأمر الجامع في هذا قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].

والذي يتقرر هنا أن إفراد الله وحده بالعبادة هو أساس الإسلام، وما بعد ذلك تبعٌ له ولاحق، والذي لا يحقق هذا الأساس فإنما يبني دينه على هاوية.

أما ما هو الشرك وكيف يُتقى، فإن لهذا موضعًا آخر إن شاء الله، وإنما نحن نركز حول أن أول الأمر إفراد الرب وحده بالعبادة سبحانه، وهو معنى قولنا: «أشهد أن لا إله إلا الله»، فالذي يشهد بأن لا إله إلا الله معناه: أنه يقر بهذا وأن جميع المعبودات سوى الله باطلة وضلال، وهذا القدر هو الذي نريد تقريره هنا، بأن أي معبود سوى الله باطل وضلال، فاعرف هذا؛ فإنه لك نافع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *