مجلة الفرقان العدد( 10630 ) التاريخ 5/9/2005
عبد الله السبت
كنت ألقيت محاضرة في مدينة الجهراء حول الأحداث الأخيرة وما يجرى في العراق من قتل للأبرياء وتفجير باسم ( الجهاد ) وقلت أن هذا إفساد وليس جهادا وهذا مذهب لعموم علماء الدعوة السلفية وليس هذا القول بطارئ بل قديم نشرناه منذ أكثر من خمسة عشر عاما .
وبعد المحاضرة طرح سؤال مفاده لماذا تغيرت الفتوى لديكم من أفغانستان إلى العراق ؟
قلت له لم تتغير الفتوى ، لأن الأفغان حاربوا الروس والعراق يحاربون الأمريكان .
وإنما تغيرت الفتوى لاعتبارات واقعية وشرعية أهمها:
أولا : الروس احتلوا بلاد المسلمين في أفغانستان واستباحوا حرماتهم ونشروا الكفر وتعاونت معهم حكومة محلية ثم قام الشعب الأفغاني بالهجرة التامة لبلاد مجاورة هي باكستان وهب الشعب كله لجهاد هؤلاء الغزاة الكفار .
إن الوضع في العراق مختلف حيث أن الشعب العراقي بكل طوائفه وملله ونحله هو الذى استنجد بهؤلاء وهم كفار لتخليصه من كفار ملحدين يحكمون البلاد ويعيثون في الأرض الفساد.
الكفار سمحوا للناس بفتح المساجد وإقامة شعائر الدين مما لا يكابر فيه إلا صاحب هوى.
ثانيا – تمايز الصف بين المسلمين والكفار فالمسلمون في جهة والكفار في جهة أخرى فمعسكر لأهل الإسلام ومعسكر لأهل الكفر وبالتالي فالقتال يدور بين معسكرين متمايزين.
ثم لم يعهد في الحرب الأفغانية أن المجاهدين قتلوا من الأفغان من كان غير محارب منتم لمعسكر الكفار.
أما الوضع في العراق فلا يوجد تمايز صف ولا وضوح راية ولا معرفة من قبائل ولا حتى إقامة شعائر الصلاة لدى هؤلاء الذين يزعمون الجهاد وكذلك لا يرعون لمؤمن كبيرا كان أو صغيرا حرمة.
وزعماء الأفغان معروف أصلهم وحالهم وزعماء الإرهاب في العراق مجهولو الحال والصفة والأصل.. فشتان بين الأمرين.
ثالثا: أن الروس قدموا لبلاد الأفغان لنشر الكفر الصريح ومنع إقامة الدين وهؤلاء قدموا لاعتبارات منوعة لكن ليس فيها هدم الدين لأن الحكم البعثي السابق ليس فيه دين أصلا وكذلك الواقع في العراق كان محاربة الدين سنيا كان أو شيعيا ولذلك بعد سقوط نظام البعث الكافر ارتاح الشعب وعمرت المساجد ومارست كل الطوائف حريتها فالفرق إذا واضح وجلي.
رابعا: أن العراق قد استقر فيه الحال سياسيا وأصبحت لديه حكومة بغض النظر عن حالها وبالتالي يجب احترام هذه الحكومة مثلها مثل حكومة مصر وسوريا والأردن وغيرها وبالتالي لا يجوز إحداث شغب ولا فتح باب شر.
خامسا: أن الذين يقاتلون في العراق لا يعلنون ماذا يريدون والعراق الآن يحكم ظاهرا بحكومة عراقية مثل الأردن وغيره.
فليظهر هؤلاء ويصرحوا بهويتهم وماذا يريدون.
سادسا: وعلى فرض أن هؤلاء ليس عليهم مشايخ الضلال وقالوا أن هذا جهاد دفع فنقول أين القدرة والقوة؟! فالعقل يقتضي الصبر حتى يأتي الله بأمر من عنده.
وأخيرا: لهذه الأسباب وغيرها تغيرت الفتوى وحرم العلماء القتال في العراق كما حرموا القتال مع طالبان لأنه نوع من المغامرة وقد فصلت في مواضع أخرى هذه المسألة.
وفي هذا بيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.