لاحظ المسلمون في شهر رمضان كثافة البرامج الدينية سواء في الإذاعة أو التلفزيون وكذلك الحال في الجرائد والمجلات، وتتعجب من هذا التزاحم على الإسلام والكتابة عنه، حتى إذا مضىٰ رمضان وأفطر المسلمون رجعت الإذاعة والجرائد لعادتها القديمة.
ولست أدري هل كان هؤلاء الذين يسعون لنشر الإسلام في رمضان يدركون معناه؟ هل كانوا يقرءون أو يسمعون ما ينشرون؟ إن كانوا كذلك فهل يفقهون له معنى؟ أم أنه واجب اجتماعي مثل تهاني الزواج وزيارة المقابر؛ مجرد واجب اجتماعي يقومون به؟!
إذ لو كان كل هؤلاء على علم وقاموا بذلك عن عقيدة ويقين؛ لما تغيروا بهذه السرعة العجيبة، ولذلك تقول لهؤلاء: كم أنتم مخطئون!
إن الإسلام عقيدةٌ وعملٌ، إنه دين، والأعمال فيه تنبع من قلب صادق مؤمن، أما مجرد العمل لنرضي الناس أو لإحياء عادة موروثة؛ فإنه لا يدخل الجنة، فكم هو مسكين هذا الذي يسعى لإرضاء الناس ويترك رب الناس مالكهم!
وهذا التناقض تجده في أشياء كثيرة، تراه في الرجل الذي ذهب إلى مكة ليقضي العشر الأواخر من رمضان هناك، وبعد العيد يأتي ليتاجر بكثير من الحرام والربا. وتجده في هذا الذي صام وتبرع للمشاريع الخيرية، ولكنه لا يخرج زكاة ماله. وتجده وتجده…
هناك أصناف من الناس كثيرة تقوم بتصرفات متناقضة دون أن تشعر أنها متناقضة، ولذلك تجد أن الأمة تساق للدمار والهلاك دون أن يشعر بذلك فرد أو جماعة.
فإلى هؤلاء أقول: الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فإما أن تعبدوا الله أو تعبدوا الشيطان والهوى، فأي الأمرين تختارون؟ ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلـٰهُكُمْ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].
٭ ٭ ٭