أكد فضيلة الداعية الشيخ عبد الله السبت أن العمل الخيرى الإسلامي قد اتجه إلى السطحية بعد أن ازدادت رقعة اتساعه وأشار إلى أن الكويت نموذج فريد في أعمال الخير إذ لا تكاد توجد قرية أو مدينة إسلامية إلا بلغتها أياديه وقد انتقد شباب الجماعات الإسلامية مطالبا العلماء بأداء واجبهم في شرح العقيدة الصحيحة وعدم ترك الميدان للجهلاء وأصحاب الأهواء وأوضح أن السلفية هي السير على منهج النبوة والسلف الصالح وأن تهمه التشدد التي تلحق بأتباعها تهمة باطلة .
ودعا إلى ترشيد الصحوة لمواجهة الهجمة الشرسة التي يواجهها العمل الإسلامي في الداخل والخارج .
وفيما يلى نص حوار الشيخ السبت مع الأنباء
ارتبط اسمكم بالعمل الدعوى في الكويت منذ فترة الستينيات، ما تقييمكم للدعوة وما وصلت إليه ؟
إن النظر إلى أحوال الدعوة في الكويت خاصة إذا كان قد راّها من قبل ثلاثين سنة ، فلا شك أنه يرى تغيرا هائلا في كل شيء وذلك أن هذا الإقبال من الشباب ذكورا وإناثا يثلج الصدر وقد أتاح للأمة أن تعيد النظر في نفسها وتسعى لتبنى الإسلام عقيدة وشريعة وعندما رأت أبناءها يقبلون عليها ،فالدعوة الآن قد قطعت شوطا كبيرا وحازت على ثقة الناس لذلك فإن على الدعاة المحافظة على هذه المكانة أما التقييم فأنا أرى من خلال المعايشة أن الدعوة اليوم قد أخذت في التوسع وهذا طيب لكن هناك أمور لا بد منها:
– أن يكون التركيز على طلب العلم وذلك أننا لا يمكن أن ننادى بتطبيق الإسلام والأمة لا تعرف الإسلام
حق المعرفة وليس لديها علماء بما يناسب حجم الأمة
– إن الحركة الإسلامية أصبحت مغنما لذلك حوت الكثير ممن شوه جمال الإسلام فلا بد من العناية بالجانب التربوي
– إن الحركة الإسلامية جعلت اجتهاد أفرادها وذواتهم هو الإسلام لذلك حرمت النقد وجعلت من تكلم في حق أشخاص في الإسلام قد تكلم في الإسلام وهذا من أسباب عزوف الكثير عن الجماعات .
أولويات الدعوة
ما الأولويات التي يجب أن تتصدى لها الدعوة الإسلامية في ظل التغيرات التي تشهدها الساحة ؟
إن الدعوة الإسلامية يجب أن تنطلق من أسس ثابتة وذلك أن الدعوة إلى الله سبحانه عبادة و قد ذكر الله سبحانه أن أول ما يجب أن يدعى إليه هو إصلاح العلاقة بين العبد وربه وهو ما يعبر عنه بالدعوة لإصلاح العقيدة والتحذيرات من الشرك ومن ثم الاتجاه لإصلاح الجانب الأخلاقي وهذه الأسس ثابتة أما الأولويات المتغيرة فهي التي تتجدد حسب الأوضاع ومن ثم فإن على الحركات الإسلامية أن ترصد الواقع المحلى والعالمي وتحدد سبل الحركة في هذا الإطار مع مراعاة الجانب الشرعي في كل حركة لتغليب ما يسمى بمصلحة الدعوة لكن ينبغي أن لا تجعلنا الأحداث المتلاحمة نلهث خلفها بل أن تسعى لأن نكون صانعي الحدث لا المتأثرين به أما الأولويات الواجب التصدي لها في نظري فهي :
– تصحيح المفهوم الإسلامي لدى المسلمين وإزالة ما علق به كل يوم من شبهات وشركيات
– السعي لأن تكون الدعوة الإسلامية تدور حول الإسلام ويكون هو قطب الرحى لأن تدور مع الأحداث مسيرة فيها.
النقد مع أدب الحوار
يقال إن العمل الإسلامي يعانى من قضية النقد الذاتي
للصراحة إن هذا القول فيه جانب كبير من الصحة وذلك أن كثير لا يفرقون بين النقد والغيبة بل إن البعض قد أعطى قادة العمل الإسلامي من القدسية والمكانة أكثر مما أعطيت لأئمة الدين لذلك لا بد حتى تنمو الجماعة وتتقدم من النقد بل والشدة فيه أحيانا بل هو تمام التناصح وتمام الدين فالدين النصيحة كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم لكن من أين يبدأ النقد ؟ الذى يبدو لي أن ذلك من كافة الأفراد فما من أحد إلا ومأمور بالمعروف ومنهى عن المنكر وبذلك تتحول الأمة كلها إلى قائمة بأمر الله آمرة بالمعروف ويكون ذلك بحسب الشخص فالذي يستطيع الإعلام والكتابة يكتب ولا شك أن ذلك يتنوع علنا وسرا وإني أرى أن العلانية في النقد ضرورة ملحة ولكن مراعاة أدب الحوار وحسن القول وعدم الدخول في موضوع النيات وعلى الناقد أن يكون مخلصا في نقده يعرف متى ينقد ومتى يتوقف عن النقد وينبغي أن يتربى المسلمون على التناصح .
مخاطر حول الدعوة
ما أبرز الأخطار المحيطة بالدعوة الإسلامية ؟
الأخطار التي تحيط بالدعوة الإسلامية نوعان : أخطار داخلية وأخطار خارجية فالأخطار الداخلية نقصد بها الجماعات الإسلامية إن اكثر المنتسبين إلى الدعوة والمتظاهرين بالإسلام والدعوة يسيئون لهذا الدين وهذا الذى حذر منه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ” أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان… الحديث ” مسند الإمام أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع. فهؤلاء المنافقون كانوا وما زالوا يشكلون الخطر على الأمة الإسلامية.
وأما الأخطار الخارجية وهذه كثيرة ومتنوعة فقد أخذت أشكالا عدة خاصة مع التقدم الإعلامي الذى نعيشه ولكن الله سبحانه وتعالى أخبر أن كيد هؤلاء في خسران وأن ما ينفقونه سيكون عليهم حسرة { فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون } الآية .(الأنفال:36)
والمنقذ من هذه الأخطار: العلم والعمل والصبر مع الإخلاص .
أسباب الترشيد:
ما سبيل ترشيد الصحوة الإسلامية ؟ هذه النهضة المباركة التي تعم العالم الإسلامي اليوم تزعج شياطين الإنس لذلك يسعون لتشتيتها وإذابتها ولا شك أن البعض من الحركات الإسلامية تعطى المبرر لأهل الفساد لتشويه سمعتها بل ضربها لذا فإنني أرى أن الصحوة الإسلامية لا بد لها من ضوابط منها:-
الالتفاف حول العلماء ..فالعلماء هم صمام الأمان لهذه الأمة وكلما ابتعدت الأمة عن العلماء قادها الجهلاء فأهلكوها (( إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) متفق عليه .
– الرجوع للفهم الصحيح للإسلام: وهو فهم السلف وذلك أن الإسلام لدى الناس مشوه الآن وقدم للناس مشوها ممسوخا فإن أرادت الحركة الإسلامية النهوض وقيادة الأمة وأن تتوافق فلا بد من عودة للإسلام الصواب .
– الصراحة والوضوح : لأن الأمة الآن بمقدار ما تسمع وما تقرا أصابها نوع ممن الشك والريبة لأن ما ينتسب للإسلام الآن فيه الكثير من الفوضى كان لزاما على أبناء الحركة الإسلامية الوضوح في الطرح والصراحة فيه
– الابتعاد عن الحزبية الضيقة فالحزبية الضيقة ممقوتة وتؤدى إلى فرقة وتشتت الأمة وكذلك يجب على الحركات الإسلامية الارتقاء لمستوى الأمة المسلمة وأن المسلمين أخوة .
– الإخلاص: الإخلاص هو من هذه الأمراض الحركية إن وفقت للإخلاص في القول والعمل فقد هديت.
ما الدعوة السلفية ؟ومن خصومها؟
ومن أبرز العلماء المنتسبين إليها ؟
الدعوة السلفية هي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الطائفة الناجية عندما أخبر عن افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة (( ما أنا عليه وأصحابي )
الحديث.
فالسلفية هي الإسلام النقي الخالي من الشوائب ومن البدع والخرافات والشركيات فالسلفية تقوم على الكتاب والسنة على طريقة السلف الصالح ، وقد فصل السلفيون دعوتهم على مر العصور أما خصوم السلفية فهم خصوم الإسلام الصحيح من عباد القبور والمتعصبة وحتى الجماعات الإسلامية التي تريد التجمع من غير تمييز ، وكثيرا من الناس لا يفهمون السلفية على وجهها فيقفون مع أعدائها لكن الحمد لله الشباب الواعي وضحت له الصورة واستبان له الأمر
أما علماء السلفية البارزون فهم كثيرون والفضل لله من قبل ومن بعد وعلى رأس هؤلاء سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والعلامة محمد ناصر الدين الألباني وفضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين ، والشيخ صالح الفوزان والشيخ ربيع بن هادئ والشيخ محمد هاشم الهدية ، والشيخ محمد صفوت نور الدين من مصر وما في بلد إلا والعلماء السلفيون بارزون فيه
رائدة العمل الخيرى
ارتبط اسمك بالعمل الخيرى فماذا ينقص العمل الخيرى ؟
الحقيقة أن المستوى الخيرى الذى تقوم به الكويت والمتماثل في هذا العطاء الشعبي ليس له نظير ، فما من قرية في الدنيا إلا ونالها شيء من خير أهل هذه البلاد وبهذا الصدقات صرف الله عنها كثيرا من الشر ((صنائع المعروف تقى مصارع السوء )) المعجم الكبير للطبراني.
كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ورافق هذا العمل الخيرى نضوج في الإدارة وطرق التنفيذ مما جعل الكثير يتقفر الأثر ، لكن نرجو من الأخوة أن يراعوا الجانب الشرعي في الإنفاق فبعض الهيئات لا تستحق أن ينفق عليها خاصة تلك التي قد فسدت عقائدها وانجرفت أو والت أهل الضلال فلا بد أن تكون هناك رقابة شعبية من المتبرعين عن الهيئات الخيرية وأنا هذه الأيام أقوم مع إخواني في متابعة أحوال المسلمين في الجمهوريات الإسلامية التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي سابقا ،وهى بحاجة إلى تعليم وتربية وهذا هو ما يشغلهم الآن فليسوا هم بحاجة إلى معونات غير الكتب والمدرسين وأهم من ذلك القدوة الحسنة والدعم المعنوي وبالمناسبة هناك مسلمون كثير متحمسون محبون للدين يخضعون لجمهورية روسيا والله الموفق .
نهضة دينية
نهضة دينية: ماذا تعنى لك كلمة الصحوة ؟
تعنى كلمة الصحوة ذلك المعنى الشائع وهو هذه النهضة التي نشاهدها في العالم الإسلامي وذلك لأن العالم يشهد رجوعا إلى التدين وهجر الإلحاد حتى الأمم النصرانية الآن فالصحوة عندنا ذلك التوجه الذى نراه اليوم نحو الرضا بما قسمه الرب سبحانه.
الاختلاف شر ..
هل اختلافات الجماعات الدعوية رحمة أم نقمة ؟ ولماذا ؟
الاختلاف كله شر وقد ذمه المولى سبحانه وتعالى وذمه الرسول صلى الله عليه وسلم،
بل هو سبب الضعف والفرقة وهذه قضية مسلم فيها عند كل عاقل ولا بد أن نفرق بين الاختلاف في وجهات النظر وفى القضايا العلمية لأن ذلك يجب أن لا يجر إلى فرقة وتناحر فإن الذى يجرى في العالم الإسلامي هو من أسباب الضعف ولإزالة التفرق والتميز لا بد من :-
– السعي للتحاكم الحقيقي للكتاب والسنة مشروطا بفهم السلف